قال رحمه الله في كتابه الرسالة تحت عنوان "الحجة في تثبيت خبر الواحد" :
(((وفي تثبيت خبر الواحد أحاديث يكفي بعض هذا منها ، ولم يزل سبيل سلفنا الصالح -الصحابة- والقرون بعدهم -التابعين وتابعيهم- ومن شاهدنا - يقصد متأخري أتباع التابعين ومنهم الإمام مالك- هذه سبيلهم، وكذلك من حُــكِـــي لنا عنه من أهل العلم بالبلدان
ثم أخذ يذكر أئمة التابعين فذكر
أهل المدينة ومنهم : سعيد بن المسيب وعروة والقاسم بن محمد وعدد آخرين منهم.
وذكر من أهل مكة : عطاء وطاوسا ومجاهدا وابن أبي مليكة وعكرمة
ومن أهل اليمن: وهب بن منبه ومكحولا
ومن أهل الشام:وعبدالرحمن بن غنم
ومن أهل البصرة :والحسن البصري وابن سيرين
ومن أهل الكوفة:علقمة والأسود والشعبي
ومحدثي الناس وأعلامهم بالأمصار كلهم يحفظ عنه تثبيت خبر الواحد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والإنتهاء إليه والإفتاء به ويقبله كل واحد منهم عمن فوقه ويقبله عنه من تحته.
ولو جاز لأحد من الناس أن يقول في علم الخاصة: أجمع المسلمون قديما وحديثنا على تثبيت خبر الواحد والإنتهاء إليه بأنه لم يعلم من فقهاء المسلمين أحد إلا وقد ثبته؛ جاز لي.
ولكن أقول:
لم أحفظ عن فقهاء المسلمين أنهم اختلفوا في تثبيت خبر الواحد)))
هذا النقل نستفيد منه أيضا فائدة عظيمة وهي أنه نقل في هذه المسألة عن كل الأئمة الذين قبله وعرفهم أو حكي له قولهم وهذا يدل أن هذا هو قول الأئمة أبي حنيفة وصاحباه أبو يوسف والشيباني وهما أركان المذهب الحنفي وأيضا أن هذا هو قول الإمام مالك وقول الإمام أحمد
وذلكم أنه أخذ علم أبي حنيفة من صاحباه المذكورين وجالسهم وذاكرهم العلم وهما أئمة المذهب الحنفي فلو كانوا يخالفون لذكر ذلك عنهم، كما أنه أخذ العلم عن الإمام مالك بل قال : "مالك معلمي ولا أحد أَمَـنُ عليّ في العلم من مالك" كما أنه هو من تعلم الإمام أحمد منه الفقه فقد قال أحمد :"لولا الشافعي ما تعلمنا الفقه" أو كلاما نحوه وقال الشافعي عن أحمد :
"أحمد إمام في ست خصال إمام في القرآن إمام في الحديث إمام في الفقه إمام في السنة إمام في اللغة إمام في الورع" وقد كان يقول لأحمد: " أنتم أعلم بالحديث منا فمتى ثبت عندكم أخبرونا به حتى نفتي به " أو كلاما نحوه لأني الآن أكتبه من ذاكرتي
فعلمنا بهذا عظم هذا النقل عن الإمام الشافعي ولا تنسي قوله
"ومحدثي الناس وأعلامهم بالأمصار كلهم يحفظ عنه تثبيت خبر الواحد...
لم أحفظ عن فقهاء المسلمين أنهم اختلفوا في تثبيت خبر الواحد"
فرحمة الله عليه أجمعن هؤلاء الأئمة الأعلام الذين حفظ الله لنا بهم دينهم وأفنوا أعمارهم وأموالهم وبذلوا فيه الغالي والنفيس فأسأل أن يصب أعمال الأمة في موازين حسناتهم وينفعنا بعلهم إن ربي سميع قريب مجيب الدعاء رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق