(المتعارف من أمر الصحابة
رضي الله عنهم أنهم عقلوا عن مجرد أوامر الرسول صلوات الله عليه الوجوب وسارعوا إلى
تنفيذها ولم يراجعوه فيها ولم ينتظروا لها قـِـران الوعيد وإرادته إياها بالتوكيد ولو
كان كذلك لـحُكِـيَ عنهم ولـنـُقِـل القرائن المضافة إلى الأوامر كما نُـقِـلت أصولها
، فلما نُقِـلَـت أوامره ونـُقِـل امتثال الصحابة لها من غير تَـلَـبُّث وانتظار، ونقل
أيضا احترازهم عن مخالفتها بكل وجهٍ عرفنا أنهم اعتقدوا فيها الوجوب.
هذا كله من الشرع وأما
من حيث اللسان فلأن العرب تستجيز نسبة المخالف للأمر إلى العصيان إحالة له إلى نفس
المخالفة يقول القائل منهم لغيره "أمرتك فعصيتني"وهذا شيء متداول بينهم لا
يمتنع أحد منهم عن إطلاقه عند مخالفة الأمر قال شاعرهم:
أمرتك أمرا جازما فعصيتني
*** وكان من التوفيق قتل ابن هاشم
وقال دريد بن الصمة:
أمرتهم أمري بمنعرج اللوى***فلم
يستبينوا الرشد إلا ضحى الغد
فما عصوني كنت منهم وقد***أرى
غوايتهم وأنني غير مهتد
إلى أن قال.. وقد استدل
المتقدمون في هذه المسألة بأمر السيد عبده بغفل من الأفعال ثم إذا خالف يجوز تأديبه
وحَـسُـن منه ذلك عند العقالء كافة ولولا أنه أفاد الوجوب لم يَـحْـسُـن تأديبه إلا
بقرينة يَصِـلُها بأمره ليدل على الوجوب)
قواطع الأدلة (1/57-59)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق